الجمعة، 31 مايو 2013

وصيتي

بما أني في الرابعة والأربعين من العمر فأن فكرة الموت أصبحت تشغل حيز أكبر من تفكيري عن ما سبق , لذلك فكرت أن أكتب وصيتي حسب التقليد الغربي. 
ولكن في الغرب يتم التعامل مع الإنسان كإنسان, لذلك من يكتب وصيته يقوم بحفظها ويموت وهو مطمئن لتنفيذها وإحترام رغبته.
ولكن بما أني أعيش في مصر أحد البلاد التي تهين الإنسانية وتعامل الإنسان كحيوان ليس لرأيه أي إحترام ولا إجلال , لذلك سأكتب وصيتي كتدوينة لمجرد التعبير عن ما أتمناه

الوصية:

أوصي أنا إميل فتح الله بخيت بعد موتي بالأتي :

1- أن لا يتم التعبير عن الحزن لموتي (سواء كان الحزن حقيقي أو مصطنع) بالصويت والصراخ والإبتذال. 

2- أن لا يتم إختيار صندوق جثماني وكفني وسيارة نقل الموتي من النوع الغالي , ومن يخجل من رأي الناس ويهتم بتعليقاتهم فليفعل ذلك فيما يخصه هو وليس فيما يخصني أنا.

3- لا يتم الصلاة علي جثماني في الكنيسة القبطية لأنني أنفصلت عنها وأؤمن أنه حيث تكون روحي فأن هؤلاء الجهلة والعميان الذين يسمون أنفسهم (كهنة) لن يستطيعوا أن يفيدوني أو يضروني بأي شيئ , وأفضل أن يتم الذهاب بالجثمان إلي المدافن مباشرة بدون أي طقوس دينية.

4- في مراسم العزاء ليلاً لا يتم كالمعتاد تشغيل الوعظات التافهة السخيفة المسجلة خصيصاً للعزاء ولا غيرها من العظات الدينية. 

5- لا يتم إجبار إبني (أنطونيو) علي أي شيء (النظر علي جثماني أو عدم النظر, الذهاب للمدافن أو عدم الذهاب) بل يتم تلبية رغبته حسب رأيه بدون تدخل أو إقناع أو ضغط.

6- لا تقوم النساء وخصوصاً زوجتي بلبس ملابس الحداد السوداء إلا لفترة الحداد المتعارف عليها إجتماعياً (40 يوم) وإذا أرادت أقل فلها الحرية (والتأييد).  

7- في ذكري الأربعين لا يتم عمل أي شعائر دينية ولا طباعة دعوات وعمل هدايا (التي يطلق عليها للتمويه تذكار) ومن يريد أن يقوم بحرق بضعة ألاف من النقود لمجرد التباهي فليفعل ما يحلوا له بعيداً عن ذكراي.

8- يتم نقل ممتلكاتي لزوجتي وأبني طالما كانوا علي قيد الحياة , وغير ذلك يتم نقلها لإبنة أختي , ولا يتم توزيعها حسب الشريعة الإسلامية التي لا أؤمن بها ولا أعتنقها.

9- أخر وصية لمن سيكون مسئولاً عن تنفيذها وترتيب المراسم (وغالباً ستكون زوجتي): 

أنا أعفيك من كل ما سبق لأن المجتمع لن يقبل بهذه الوصية, وتنفيذها سيكون بمثابة عقوبة للجميع , لذلك أنا أعفيك وأتفهم صعوبة تنفيذ أي بند من البنود الثمانية السابقة وأعتقد أني حينها سأكون في حال لن يؤذيني فيه شيئ مادي ولن يفيدني أو يضرني بشر , أنا مجرد إنسان من 70 مليار إنسان ولدوا وعاشوا لفترة علي الأرض وماتوا ومثلما أختفت سيرة أغلبهم وأصبحوا مجرد رقم , سأصبح أنا أيضاً.
فلتفعلوا بجثماني ما يحلوا لكم , هو أصبح مجرد مجموعة عناصر ميتة ستعود لتنضم لباقي عناصر الأرض ولن يؤثر علي روحي في شيئ.
فلتفعلوا بمراسم الجنازة والدفن والعزاء ما يحلوا لكم , مارسوا طقوسكم الدينية التي تعجبكم وأستمعوا لكهنتكم الذين تقدسونهم وأجعلوا نسائكم تلبس السواد بينما رجالكم لا يقيدون بأي قيود وكأن الحداد والحزن فرض علي النساء فقط 
أمنعوا أبني وباقي الأطفال من الضحك واللهو والتليفزيون ...الخ بكلمة (عيب) بينما أنتم تمارسون العيب في النميمة والتريقة والغمز واللمز علي بعضكم
أصرفوا النقود في التباهي والفشخرة والمنافسة في التكلف تحت إدعاء أن هذا إكراماً لي 
مارسوا كل عادتكم وطقوسكم وتدينكم المصطنع في مجتمعكم الفاشل, أفعلوا كل ذلك بأسمي ولكن كل ما أرجوه وأتمناه أن تعرف زوجتي وأبني أني كما كنت في حياتي ضد كل ذلك فأنا في مماتي خارج كل ذلك. 

إلي لقاء في عالم أخر

إميل فتح الله بخيت
1-6-2013