منذ حوالي ثلاثة أشهرابتدأت في كتابة هذه المدونة وكانت المناسبة لذلك هي ثورة 25 يناير 2011 حيث أنه بعد أن كنت قد يئست من حدوث أي تغيير للأفضل في مصر تجدد الأمل وأشرقت ملامح مستقبل جديد فوجدت أنه من واجبي نحو المجتمع ونحو أبني ومستقبله أن أساهم بالرأي والفكر والكلمة بجانب مساهمتي بالعمل مثل الأغلبية .
حاولت أن أكشف بوضوح وصراحة تتناسب مع خطورة الوضع والمرحلة سلبياتنا ومصائبنا وأمراضنا التي تسبب شقائنا وتعثرنا وتعرقل تقدمنا.
كنت أتعمد أن أكشف ما تحاول الأغلبية تجاهله وإنكاره والخجل من كشفه, مثل الكلام عن قادة الكنيسة وأخطائهم في القيادة وفي الأسلوب وعن سلبيات الأقباط وعن جهل وعمي وظلم المسلمين في مصر في تعاملهم مع أنفسهم ومع الأقباط.
وما زال القلب يفيض بالكثير . وقد كنت أعلم أني أتكلم مع أشخاص نسبة كبيرة منهم تحب النفاق أكثر من الحق وتحب من يدغدغ مشاعرهم أكثر من الصراحة, كنت أعرف أن النسبة الأكبر من المصريين مسالمين وطيبين ولكنهم متطرفين فكرياً.
كنت أعرف مسبقاً أن الأغلبية للأسف تبادر بالدفاع والهجوم قبلما تبادر بالتفكير وفحص الكلام والأفكار. ولكن لم يمنعني ذلك لأن ما حركني ليس تكوين شعبية أو تصفيق أو استحسان , بل الواجب والحب لأهلي ومعارفي وأصدقائي وكل من يصدف أن يقرأ. ولكن....
ولكن ما حدث هو أن من قرأ وأقتنع أو رفض وناقش بعقلانية هم الأشخاص الذين لا يحتاجون لقراءة ما أكتب, هم الأشخاص الذين يحبون المنطق والحق والاعتدال.
أما الأغلبية فكل ما حدث أنهم هاجموا ودافعوا بدون وعي ولا منطق, ووصل الأمر أحياناً لدرجة العداء والقطيعة. والبعض لم تحتمل أعصابه أن يقرأ هجوم علي مواقف القادة الدينيين أو علي أصحاب الديانة الأخرى واعتبروا هذا تجريح وقلة أدب وإساءة تقترب من التجديف والكفر والهرطقة ( أختلف معهم ولكني أعذرهم).
الخلاصة
الهدف من التدوين والكتابة قد حدث عكسه, لذلك لا أنوي تكملة الكتابة لأني لو أكملت فهذا سيكون لنفسي ومتعتي وكبريائي.
أنا أمتلك كأي شخص بعض الكبرياء وأحب نفسي وأحب متعة الكتابة ولكن ليس علي حساب محبتي للمجتمع ولا علي حساب الواجب.
لقد كنت سعيد عندما أرسل لي الدكتور والكاتب الصحفي خالد منتصر رسالة يشجعني فيها ويثني علي المدونة , ولكني كنت سأكون أكثر سعادة لو استطعت تغير فكر وذهن شخص للأفضل. ولقد فشلت في ذلك للأسف.
أنا حزين ولكني غير غاضب ولا نادم. لقد حاولت فعل ما أراه صواب
لم أخضع للإرهاب الفكري واتهامي بالغرور وأني أحب إدانة الآخرين . ولم أخضع للضغط والإرهاب الفكري والنفسي من كهنة وأقباط ومسلمين بأن الله سيغضب من ما أكتب. وأني غارق في الخطايا والعيوب وليس لي الحق في كشف عيوب المجتمع, وفاتهم أني مدرس وقد تعلمت من التدريس أنه إذا انتظرنا من يعرف كل شيء ومن هو بلا عيوب ليقوم بهذه المهمة فلن يقوم بها أحد, وأني أستطيع أن أقول وأكشف ما أريد طالما كانت عيوبي أما نظري في كل حين وطالما كنت لا أستعلي علي الناس والأهم طالما كان ما يحركني هو المحبة الإنسانية.
ولكني لست في معركة ضد الناس, أنا في معركة معهم. فإذا لم أستطع مساعدتهم في معركتهم أو لم يقبلوا هم مساعدتي فهذا قرارهم وهذه حريتهم. الله نفسه لمحبته واحترامه للبشر لا يفرض نفسه عليهم, فهل أفعل أنا؟
وأخيراً
لقد كانت تجربة وقوفي في ميدان التحرير قبل تنحي مبارك, ثم وقوفي في نفس الميدان بعد تنحيه, تجربة العمر بالنسبة لي ولن أنساها أبداً.
لقد أحسست بأحاسيس لم أختبرها من قبل . ورأيت مشاهد لم أتوقع رؤيتها في مصر مطلقاً. لقد كان الأمل ينفجر في داخلي .
والآن أنا في تجربة أخري أكثر عمقاً ونضجاً . تجربة التعامل والتعايش مع قسوة الحياة والبشر . تجربة احتمال العيش في مصر بعد موت الثورة, مصر التي سيحكمها رئيس تابع للجيش وحكومة تابعة للإخوان المسلمين وشارع تابع للسلفيين المسلمين وكنيسة تابعة للسلفيين المسيحيين. مصر التي ستخرج من أهلها أسوء ما فيهم وستدفن أفضل ما فيهم.
أحياناً يصيبني الغباء البشري المعتاد وأأسي لحالي وأعيش في وهم أني مسكين ومظلوم , ولكني أفوق علي الحقيقة فأنا لست أفضل من من ماتوا وهم في بداية شبابهم أثناء الثورة وبعدها , ولست أفضل من من عاشوا في دارفور والعراق وبلاد كثيرة فاشلة بها حروب وإبادة وجهل وظلم .
أنا لست أفضل من كل من عاشوا ويعيشوا في مجتمعات فاشلة.
أنا لست أفضل من كل من عاشوا ويعيشوا في مجتمعات فاشلة.
أنا لست أفضل من أحد