الثلاثاء، 17 مايو 2011

أخر تدوينة

منذ حوالي ثلاثة أشهرابتدأت في كتابة هذه المدونة وكانت المناسبة لذلك هي ثورة 25 يناير 2011 حيث أنه بعد أن كنت قد يئست من حدوث أي تغيير للأفضل في مصر تجدد الأمل وأشرقت ملامح مستقبل جديد فوجدت أنه من واجبي نحو المجتمع ونحو أبني ومستقبله أن أساهم بالرأي والفكر والكلمة بجانب مساهمتي بالعمل مثل الأغلبية .
حاولت أن أكشف بوضوح وصراحة تتناسب مع خطورة الوضع والمرحلة سلبياتنا ومصائبنا وأمراضنا التي تسبب شقائنا وتعثرنا وتعرقل تقدمنا.
كنت أتعمد أن أكشف ما تحاول الأغلبية تجاهله وإنكاره والخجل من كشفه, مثل الكلام عن قادة الكنيسة وأخطائهم في القيادة وفي الأسلوب وعن سلبيات الأقباط وعن جهل وعمي وظلم المسلمين في مصر في تعاملهم مع أنفسهم ومع الأقباط.
وما زال القلب يفيض بالكثير . وقد كنت أعلم أني أتكلم مع أشخاص نسبة كبيرة منهم تحب النفاق أكثر من الحق وتحب من يدغدغ مشاعرهم أكثر من الصراحة, كنت أعرف أن النسبة الأكبر من المصريين مسالمين وطيبين ولكنهم متطرفين فكرياً.
كنت أعرف مسبقاً أن الأغلبية للأسف تبادر بالدفاع والهجوم قبلما تبادر بالتفكير وفحص الكلام والأفكار. ولكن لم يمنعني ذلك لأن ما حركني ليس تكوين شعبية أو تصفيق أو استحسان , بل الواجب والحب لأهلي ومعارفي وأصدقائي وكل من يصدف أن يقرأ. ولكن....
ولكن ما حدث هو أن من قرأ وأقتنع أو رفض وناقش بعقلانية هم الأشخاص الذين لا يحتاجون لقراءة ما أكتب, هم الأشخاص الذين يحبون المنطق والحق والاعتدال.
أما الأغلبية فكل ما حدث أنهم هاجموا ودافعوا بدون وعي ولا منطق, ووصل الأمر أحياناً لدرجة العداء والقطيعة. والبعض لم تحتمل أعصابه أن يقرأ هجوم علي مواقف القادة الدينيين أو علي  أصحاب الديانة الأخرى واعتبروا هذا تجريح وقلة أدب وإساءة تقترب من التجديف والكفر والهرطقة ( أختلف معهم ولكني أعذرهم).
الخلاصة
الهدف من التدوين والكتابة قد حدث عكسه, لذلك لا أنوي تكملة الكتابة لأني لو أكملت فهذا سيكون لنفسي ومتعتي وكبريائي.
أنا أمتلك كأي شخص بعض الكبرياء وأحب نفسي وأحب متعة الكتابة ولكن ليس علي حساب محبتي للمجتمع ولا علي حساب الواجب.
لقد كنت سعيد عندما أرسل لي الدكتور والكاتب الصحفي خالد منتصر رسالة يشجعني فيها ويثني علي المدونة , ولكني كنت سأكون أكثر سعادة لو استطعت تغير فكر وذهن شخص للأفضل. ولقد فشلت في ذلك للأسف.
أنا حزين ولكني غير غاضب ولا نادم. لقد حاولت فعل ما أراه صواب
لم أخضع للإرهاب الفكري واتهامي بالغرور وأني أحب إدانة الآخرين . ولم أخضع للضغط والإرهاب الفكري والنفسي من كهنة وأقباط ومسلمين بأن الله سيغضب من ما أكتب. وأني غارق في الخطايا والعيوب وليس لي الحق في كشف عيوب المجتمع, وفاتهم أني مدرس وقد تعلمت من التدريس أنه إذا انتظرنا من يعرف كل شيء ومن هو بلا عيوب ليقوم بهذه المهمة فلن يقوم بها أحد, وأني أستطيع أن أقول وأكشف ما أريد طالما كانت عيوبي أما نظري في كل حين وطالما كنت لا أستعلي علي الناس والأهم طالما كان ما يحركني هو المحبة الإنسانية.
ولكني لست في معركة ضد الناس, أنا في معركة معهم. فإذا لم أستطع مساعدتهم في معركتهم أو لم يقبلوا هم مساعدتي فهذا قرارهم وهذه حريتهم. الله نفسه لمحبته واحترامه للبشر لا يفرض نفسه عليهم, فهل أفعل أنا؟
وأخيراً
 لقد كانت تجربة وقوفي في ميدان التحرير قبل تنحي مبارك, ثم وقوفي في نفس الميدان بعد تنحيه, تجربة العمر بالنسبة لي ولن أنساها أبداً.
لقد أحسست بأحاسيس لم أختبرها من قبل . ورأيت مشاهد لم أتوقع رؤيتها في مصر مطلقاً. لقد كان الأمل ينفجر في داخلي .
والآن أنا في تجربة أخري أكثر عمقاً ونضجاً . تجربة التعامل والتعايش مع قسوة الحياة والبشر . تجربة احتمال العيش في مصر بعد موت الثورة, مصر التي سيحكمها رئيس تابع للجيش وحكومة تابعة للإخوان المسلمين وشارع تابع للسلفيين المسلمين وكنيسة تابعة للسلفيين المسيحيين. مصر التي ستخرج من أهلها أسوء ما فيهم وستدفن أفضل ما فيهم.
أحياناً يصيبني الغباء البشري المعتاد وأأسي لحالي وأعيش في وهم أني مسكين ومظلوم , ولكني أفوق علي الحقيقة فأنا لست أفضل من من ماتوا وهم في بداية شبابهم أثناء الثورة  وبعدها , ولست أفضل من من عاشوا في دارفور والعراق وبلاد كثيرة فاشلة بها حروب وإبادة وجهل وظلم .
أنا لست أفضل من كل من عاشوا ويعيشوا في مجتمعات فاشلة.
أنا لست أفضل من أحد

الأربعاء، 11 مايو 2011

دح النار بتلسع

خبر في المصري اليوم الخميس ١٢ مايو ٢٠١١ عدد ٢٥٢٤ :
«ساويرس» يفوّض شيخ الأزهر للحديث باسم الأقباط وحمايتهم.
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=296584&IssueID=2133
مع احترامي للمهندس نجيب ساويرس ومكانته العالمية كأغني رجال العالم  ووطنيته ومواقفه المحترمة ونواياه الصادقة وشعبيته :
لو سمحت متتكلمش بالنيابة عني.
أنا مش عايز شخص يحميني لا جاري أو صديقي المسلم ولا شيخ الأزهر ولا الشيخ حسان ولا البابا والكنيسة .
ومش عايز شريعة تحميني لا الشريعة الإسلامية ولا المسيحية ولا غيرها.
ومش عايز الأخوة المسلمين يعملوا دروع بشرية ولجان شعبية لحماية الكنائس.
ومش عايز مسلم معتدل يقولي أحاديث وآيات عن حسن معاملة الذمي والنصراني ( طبعاً يشكر علي شعوره).
ومش عايز أستني الأخوان المسلمين لما يقرروا هيخلوني أترشح للرئاسة ولا لأ.
أنا عايز رجال شرطة  وقانون مدني لدولة مدنية تخضع للمواثيق والعرف الأممي حسب العصر الحالي. من غير كده كله كلام مخدر حقن هيروين لغاية المصيبة الجاية متحصل. علشان نبتدي نعيد الحكاية من أولها ونقول الإسلام بيحمي الأقباط والمسلمين بيحموا الكنائس , والكنيسة هتحط قانون أحوال شخصية للأقباط , واللي يغير دينه يعمل إيه , واختراعات لعمل دولة كأن مفيش دول ليها تجارب وعايشه طبيعي وكأن مطلوب مننا نخترع يعني إيه دولة.
أيام الثورة أنا وواقف في ميدان التحرير وجنبي زوجتي وأبني كانت دي أمنيات متفائلة, دلوقتي لو عشمت في أني أشوف ده بيحصل يبقي مش تفاؤل, تبقي سذاجة وعدم واقعية وضحك علي النفس.
الشعب قال كلمته ومصمم يجرب بنفسه ويشوف النار بتلسع ولا لأ ومش عايز يسمع كلام التاريخ وهو بيقوله دح النار هتلسعك.
يمكن يعرف لما يجرب وأيده تتلسع أو تتحرق.
أتمني أبني يشوف اليوم ده (بس لو نفد من النار دي).

الأحد، 8 مايو 2011

إلي المسلم المعتدل

إذا شاهدت هدم كنيسة صول وحرق كنيسة إمبابة وتألمت لذلك ولكن قلت الأقباط يستاهلوا هما اللي جابوه لنفسهم  
فأنت ظالم

إذا تأثرت بموت مروة الشربيني أشد من ما تأثرت بموت شباب إمبابة
فأنت أعمي

إذا كان منظر تشييع جنازة الفلسطينيين في مواجهتهم مع إسرائيل قد جعل قلبك يبكي ومنظر تشييع جنازة من قتلوا في إمبابة جعلك تحس أن هذا انتقام الله من الكفرة
فقد فقدت نصف إنسانيتك

إذا كان منع النقاب في بعض دول أوروبا قد أستفز مشاعرك الدينية ومضايقة كل من لا ترتدي الحجاب في مصر لم يستفزك
فضميرك أعور

إذا كنت لم تحتمل فكرة أن كاميليا شحاتة قد أسلمت ولكنها مجبرة علي البقاء في المسيحية (وهذا كذب) ولكنك توافق علي تطبيق حد الردة
فأنت منافق  

إذا كنت سعيد الآن وتتشفي في الأقباط الكفرة وتملأ قلبك مشاعر الكراهية وتتلذذ بطعم دمائهم وتظن أن هذه خدمة لله
فأنت لم تعرف الله

إذا كان أي خبر يثبت أن الأقباط هم المخطئون يفرحك وتتناقله في أحاديثك وأي خبر يثبت العكس تتجاهله وتشكك في مصداقيته ثم تدعي أنك مسلم معتدل
فأنت متطرف 

إذا كنت تدين العنف والجهل والقتل والحرق ثم تبرر لمن فعل ذلك وتفتش عن حجج وأعذار لهم  وفي النهاية تبرىء المذنب
فأنت مكرهة للرب

إذا كنت قد قرأت مقالات سابقة في هذه المدونة أهاجم وألوم فيها علي الأقباط وقادتهم وكنيستهم ففرحت بي وأحببت كتاباتي وعندما قرأت هذا المقال لم تحتمله وتضايقت مني
فأنت تريد الباطل ولا تحب الحق

إذا كنت أياً من هؤلاء  و كان موت أسامة بن لادن لم يحزنك فأنت لست أبن بار بأبيك
يا شيخ المجاهدين الإسلاميين أسامة يبدوا أنك لم تحسن تدريب أولادك فحتي الأن لم ينجحوا أن يجعلوني أكرههم
 أنظر من مكانك الآن لأولادك المصريين المرتديين ثياب الاعتدال وقل مع المثل الشعبي (اللي خلف ممتش)

الجمعة، 6 مايو 2011

جسدي هنا وروحي هناك

في ناس في مصر فرحت لما الشيخ أسامة بن لادن قتل ألاف البشر في أمريكا ولغاية دلوقتي بيبرروا ما فعله , وفي ناس فرحت لما تم قتل الإرهابي أسامة بن لادن وقالوا بكل وضوح أحسن يستاهل .دول المتدينين والقديسين المسلمين والمسيحيين في مصر.
وفي ناس في أوروبا بيتناقشوا في مدي أخلاقية قتل أسامة بن لادن , وفي ألمانيا في هجوم من أغلب الشعب ومن الكنيسة علي المستشارة أنجيلا ميركل بسبب أنها قالت أنها سعيدة لمقتل بن لادن وفتحوا نقاش أخلاقي علي فكرة الإنتقام والتشفي والفرح لقتل أي شخص حتي ولو كان عدو لهم, وبيصروا علي الفرق بين الأرتياح لنهاية شر بن لادن وبين الكراهية والفرح لموت نفس أيً كانت.
 ده بقي الغرب المادي المهرطق الملحد الكافر الزاني حسب رأي المسلمين والمسيحيين في مصر وحسب رأي قادتهم العميان.
أنا بأتخيل دلوقتي لو البابا شنوده مات شعورالمسلمين هيكون إيه؟
ولو زعيم للسلفيين أو للأخوان مات شعورالأقباط هيكون إيه؟
أنا لا أنتمي لهذه الثقافة وهذه التعاليم وهذه العقيدة وهذا الإيمان أنا لا أعرف ولا أعبد الرب الذي يفرح لمقتل الناس, الله الذي أعرفه وأعبده مختلف  .
أنا أنتمي عقيدياً وثقافياً وإيمانياً لهذا الغرب الكافر الملحد في نظر أغلب أهلي وناسي.

الخميس، 5 مايو 2011

حجر الأنانية

الحجر رمز البناء (وخصوصاً في الحضارة الفرعونية) ورمز الهدم والرجم في حضارات أخري . في مصر الآن يوجد استخدام أخر ورمز أخر للحجر وهو الأنانية, حيث يستخدم لحجز مكان لركن السيارة أمام المنزل.
حيث يقوم البعض بالاستيلاء علي جزء من الشارع برص قطع من الأحجار لمنع الآخرين من ركن سيارتهم في هذا المكان حتى يعود هذا الشخص من عمله ليجد مكان لسيارته وهذه الظاهرة في تزايد. ولي ستة أسئلة في هذا:
1-  لماذا يعرف هذا الشخص أنه لن يقوم شخص أخر برفع الأحجار وركن السيارة بدلاً منه؟
هذه الأحجار تعطي رسالة, فهو يضع الأحجار لكي يقول لك هذا المكان يخص شخص بلطجي وإذا جاء ووجد سيارتك هنا فستجد الرد علي السيارة من تلفيات أخفها إفراغ الهواء من أحد الإطارات (دي قرصة ودن) أما إذا تكرر الموقف فستجد الأسوأ , فما يمنع الآخرين من رفع الأحجار وركن السيارة ليس معرفتهم أن هذا المكان يخص شخص أخر وليس احترامهم له ولكن خوفهم من هذه البلطجة المستترة.والتي يقوم بها بلطجي طبيب أو مهندس أو سيدة شيك .
2- لماذا لا يفعل باقي الناس نفس الفعل؟
لأنه دائماً يوجد ناس طيبون مثلما يوجد بلطجية .الأحجار متوفرة للكل ولكن العقل والحكمة والبصيرة ليست عند الكل.
3- ماذا لو فعل كل الناس مثل هذا الشخص؟
لن يجد هذا الشخص نفسه مكان لركن سيارته في أي مكان يذهب إليه.
4- هل لا يخطر علي ضمير هذا الشخص أنه أثناء جلوسه في عمله طوال النهار يوجد عدة أشخاص آخرين يريدون أن يركنوا سيارتهم في هذا المكان لمدة قليلة ثم ينصرفون؟
بالطبع يعرف ذلك ولكن الأنانية هي أفضل مخدر لوجع الضمير.
5- لو عرضنا علي هؤلاء الأنانيين الذهاب لمدينة جديدة خالية هادئة يمكن لهم فيها ركن سياراتهم بكل راحة ويكونون وحيدين, هل سيقبلون؟
لا طبعاً سيرفضون هم يريدون الناس والحياة ولكن ليس بمساواة ومشاركة, هم يريدون أن يكونوا قبل الباقين وأسياد للباقين هم يحبون الناس والمجتمع كما يحبون حيواناتهم الأليفة.
6- هل هذه الظاهرة تستحق التعليق وسط التسيب الأمني والكوارث التي تحدث في الشارع كل يوم؟
ليست الأهمية في الظاهرة نفسها بل في معناها ودلالاتها إذا كانت تطبق علي باقي نواحي حياتنا وهذا ما يحدث الآن.
ملحوظة:
سيارات كثيرة من التي تترك ورائها أحجار الأنانية هذه تكون مزينة من الداخل بإشارات تدل علي الوظيفة المميزة لصاحب السيارة وإشارات دينية (صليب أو مصحف أو ما شابه) تدل علي ديانة هذا الشخص وتدينه.
هذا منتج ثقافتنا وهذا منتج تديننا.

الاثنين، 2 مايو 2011

أهم من الدين والعقيدة

اليوم 2 مايو أتذكر يوم مولدي ال41 ولكني أتذكر مع باقي العالم ما هو أهم بكثير أتذكر ملايين اليهود من أطفال ونساء وفتيات وشباب وعجائز ورضع وحوامل الذين تم خنقهم في غرف الغاز ثم حرق أجسادهم فيما يعرف بالمحرقة النازية أو الهولوكوست.
قرأت 3 كتب عن المأساة وهم :
يوميات أن فرانك
هل هذا هو الإنسان؟
في جحيم غرف الغاز
وتحتوي هذه الكتب علي وصف للفظائع التي تعرض لها ملايين البشر لمجرد أنهم قد ولدوا من أباء يهود.
ويوجد بضعة ألاف من الناجين من هذه المحرقة أعمارهم قد تخطت التسعين .
أحتراماً لأدميتي وإنسانيتي وإحتراماً لعقيدتي أحيي بهذا المقال ذكري هذه المحرقة وهؤلاء البشر وأحيي فيهم كل ضحايا الكراهية الإنسانية بغض النظر عن جنسية الضحايا وعقيدتهم .
في هذه الذكري أنا أتكلم عن ماهو أسمي من الدين والعقيدة والسياسة والعرق , عن أهم وأعز وأثمن ما وضعه الخالق في الإنسان , أتكلم عن ما نفخه الخالق في روح الإنسان , أتكلم عن صوت الخالق بداخلنا (الضمير).
فإذا كنت تنكر أو لا تهتم بهذه المحرقة فأنا أناشد ضميرك أنه إذا تعرضت للإضطهاد أو الظلم بسبب دينك وعقيدتك أو بسبب جنسيتك وعرقك ولم يهتم أحد لأمرك فتذكر أنه مثلما تعامل ستعامل.


لا يوجد في مصر جماعة دينية مسيحية أو إسلامية أو جماعة سياسية أو حقوقية تقيم اليوم هذه الذكري علي حد علمي , ومعني ذلك أن التعصب الديني والعرقي والوطني كان صوته أعلي من صوت الضمير بداخلنا.